الآثار البيئية للحرب في العراق: تلوث في الأرض والجو والماء
2019-01-11
|
412 مشاهدة
أبحاث ومقالات بيئية

تسببت الحروب والنزاعات المسلحة في العراق على مدى أربعين سنة بمئات الآلاف من الوفيات والإصابات. قساوتها لم تترك ندوبها على قلوب الأبرياء فحسب، وإنما طالت الأرض والماء والهواء. المزارع والغابات كانت فريسةً سهلةً لنيران الصراع، وكذلك المصانع ومكامن النفط والثروات الطبيعية، التي أدى تدميرها إلى انتشار التلوث في كل مكان.

الحروب المتتالية أنهكت النظام الصحي في البلاد، وألحقت الضرر بالبنى التحتية الأساسية، وأضعفت الإدارة البيئية والرقابة على المنشآت والفعاليات الصناعية. والخطط التي وضعت بعد سنة 2003 لمعالجة هذه المشاكل لم تنجح في تحقيق أهدافها لقلة الموارد وفقدان الأمن وتفشي الفساد. وهذا ما جعل القضايا البيئية الشائكة، مثل المخلفات السامة والمشعة والتلوث النفطي وفقدان الأراضي الزراعية، تتراجع على سلم الأولويات وتبقى في أغلبها مهملة من دون علاج.

2005 ستين منطقة ساخنة تتطلب الإصلاح وإعادة التأهيل، من بينها خمس مناطق تستوجب المعالجة الفورية. كما قدّرت تكاليف التدهور البيئي في سنة 2008 بنحو 8.7 بليون دولار وفقاً لأرقام رسمية.

وفي السنوات العشر الماضية، كان لتكرار مواسم الجفاف مع انخفاض تدفق المياه في دجلة والفرات، إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية والتوسع الحضري غير المدروس، الأثر الكبير في تملّح الأراضي الزراعية وانتشار التصحر ومحدودية مياه الشرب. وإلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العميقة، كان للمشاكل البيئية دور فاعل في تحضير الظروف الموائمة لتطوّر صراع جديد خلال السنوات العشر الأخير، تصدّر مشهده تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

وفيما الحرب تضع أوزارها، ينجلي غبار المعارك عن دمار واسع أصاب العديد من الحواضر والأرياف العراقية، أكان ذلك بفعل السياسة التخريبية لتنظيم الدولة أم نتيجةً للأعمال الحربية التي قامت بها الحكومة وحلفاؤها من أجل مواجهته.

برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) أصدر مؤخراً تقريراً حول القضايا البيئية في المناطق التي جرى استردادها من تنظيم الدولة، لاسيما مدينة الموصل مركز محافظة نينوى. وكان فريق من شعبة ما بعد النزاعات في يونيب أجرى مسحاً ميدانياً ركز على التلوث الناتج عن إشعال النيران في آبار النفط في ناحية القيّارة، وإحراق معمل كبريت المشراق جنوب مدينة الموصل، بالإضافة إلى تسرب المركبات العضوية الثابتة المستخدمة كعوازل ومواد تبريد في منشآت الطاقة الكهربائية. كما عرض التقرير للتحديات البيئية التي تفرضها كميات الأنقاض والنفايات الهائلة، بما فيها الأسبستوس الذي لوحظ في أكثر من موقع.

تقرير يونيب سجّل أيضاً انهيار الإدارة البيئية من الناحية البشرية، وكذلك التخريب الذي طال المنشآت والمختبرات التابعة لمديرية البيئة في محافظة نينوى وكلية العلوم البيئية في جامعة الموصل، وما يعني ذلك من أثر على جهود التأهيل وإعادة البناء.

كما أشار التقرير إلى الانعكاسات الخطيرة لقيام تنظيم الدولة باستخدام المنشآت المائية كسلاح في الحرب وإغراقه الأراضي بمياه بحيرات السدود، التي تسببت في تدهور الأراضي الزراعية وخلق إشكاليات اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.

إلى جانب التقرير الأولي الذي أصدرته يونيب، قامت منظمة "باكس" الهولندية بنشر تقريرها "الحياة تحت سماء سوداء" ضمن فعاليات اللقاء الثالث لجمعية الأمم المتحدة للبيئة الذي جرى في نيروبي مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ويمثّل تقرير باكس إيجازاً للمعطيات التي جمعتها المنظمة طيلة السنوات الثلاث الماضية، وهي تشمل كامل الأراضي العراقية، بما فيها مدينة الموصل وجوارها، التي اقتصر عليها التقرير الأممي. ويمكن إيجاز القضايا البيئية التي تناولها التقريران في ثلاثة محاور: التلوث النفطي، وأضرار المنشآت المدنية، والآثار الجانبية.

مواقع التواصل الاجتماعي
إستفتاء رأي